الدكتور صفد الشمري
رئيس مجلس المسار الرقمي العراقي
نُشرت في جريدة “الصباح” بالعدد 5361 في 19/3/2022
هل تبقى صناعة المحتويات الرقمية في العراق ممارسة عشوائية من دون قواعد، وهل يمكن الإفادة من مؤشرات دراسة حال تلك الصناعة، التي باتت مرآة عاكسة لما يجري في كل مجالات الحياة، وفي أكثر تفصيلاتها حساسية ودقة، وصارت الأداة الأكثر فاعلية للتعبير عنها، أو تعزيز مواقفها، أو التصدي لها بالكامل، وبماذا يمكن ان يفيد وضع خريطة طريق تطوير صناعة المحتوى الرقمي في البلاد؟
تطوير صناعة المحتويات يتطلب بالتأكيد، تحديد مؤشرات نموّها، وبالتالي الوقوف، عن طريق القياس والتقويم، على أبرز مواضع الوهن وبواعث القوة، في مسعى الخلاص من عشوائيتها، التي افقدتها زمام المبادرة، وانزلتها في موقع “رد الفعل”، لا في بناء الفعل نفسه، كما هي الحال مع المجتمعات التي صيّرت من الأوعية الرقمية أدوات النهوض فيها..!
مؤشرات الميدان
في دراسة علمية قدمناها إلى احدى المؤتمرات العلمية الدولية حول واقع صناعة المحتوى الرقمي في العراق، وضعنا مؤشراتنا الميدانية لقياس واقع الممارسات الرقمية المرتبطة بصناعة المحتويات، وأي الأوعية أو الأشكال الأكثر أهمية فيها، من وجهة نظر عينة من صناع المحتوى الرقمي، ممن اخضعناهم للقياس، في انتاج المضامين الإلكترونية بالنسبة للمجال الافتراضي المحلي بشكل عام، لما لها من أهمية في توجيه مناهج تلك الصناعة.
أولى تلك المؤشرات كان ما يرتبط بعدد الساعات اليومية لاستخدام الانترنت من قبل المبحوثين، إذ أظهرت النتائج مؤشراً رئيساً لمدى اهتمامهم بالممارسة الرقمية بشكل عام، وبينت نتائج بان 41% من العينة يقضون (4 – 6) ساعات يومياً في استخدام الانترنت، حلوا بالمرتبة الأولى، في حين يقضي 29% عدد ساعات بلغت (2 – 4) ليكونوا في المرتبة الثانية، و18% (لأكثر من ست ساعات)، يومياً ليأتوا بالمرتبة الثالثة، و8% بواقع (1-2) يومياً في المرتبة الرابعة، و4% فقط لأقل من ساعة، الأمر الذي يعكس الاهتمام البالغ للعينة في استخدام الانترنت بشكل عام.
وحول النطاق الإلكتروني الأكثر استخداماً، ولما يشكل تحديد طبيعة النطاق الذي يقابل باهتمام المستخدمين من أهمية في احتساب مؤشرات التفضيلات الرقمية، حلّت وسائط التواصل الاجتماعي بالمرتبة الأولى، وبنسبة 31%، ومن ثم التطبيقات الرقمية ثانية بنسبة 26%، والألعاب الإلكترونية ثالثة، بنسبة 22%، وأتت المواقع الإلكترونية المنوعة أخيرة بنسبة 21%.
ويتطلب وقوع وسائط التواصل الاجتماعي في المرتبة الأولى، بعدّها الحيز الإلكتروني الأكثر أهمية للمستخدمين العراقي، معرفة أكثر تلك الوسائط أهمية، إذ تبين حلول tiktok في المرتبة الأولى، بنسبة 16%، من بين وسائط التواصل الاجتماعي الأكثر أهمية للمستخدمين في العراق بشكل عام، و facebook في المرتبة الثانية بنسبة 14%، وwhatsap وtelegram في المرتبة الثالثة بنسبة 13% لكل منهما، وinstagram رابعاً بنسبة 12%، وviber خامساً بنسبة 11%، وsnapshat سادساً بنسبة 7%، وtwitter سابعاً بنسبة 6%، وyoutub ثامناً بنسبة 5%، وskype تاسعاً بنسبة 3%، وclubhouse عاشراً بنسبة 2%، وأتت فئة أخرى أخيرة بنسبة 1% فقط، تمثلت بتطبيق like.
كما اهتمت دراستنا بتحديد نوع الحيز الإلكتروني الذي يمتلكه المبحوثون على الإنترنت، بوصفهم صناع المحتوى الرقمي، وقد أتت وسائط التواصل الاجتماعي في المرتبة الأولى، من حيث الحيز الإلكتروني المختص بهم من: (صفحات ومجموعات وحسابات وقنوات خاصة)، بنسبة 66%، والمدونة الإلكترونية الشخصية ثانية، بنسبة 17%، والمواقع الإلكترونية بالمرتبة الثالثة، بنسبة 10%، والمنتدى الإلكتروني بالمرتبة الرابعة، بنسبة 5%، والتطبيقات الرقمية الخاصة بالمبحوث نفسه في المرتبة الأخيرة بنسبة 2%، في وقت تشغل التطبيقات الرقمية اهتمام صنّاع المحتويات في العالم، لاسيما في قطاعات التسويق والتشغيل.
وبالنسبة للنطاق الإلكتروني الأكثر مصداقية للمستخدمين في العراق، تفيد النتائج بان محركات البحث الإلكترونية حلت أولى من وجهة نظر العينة في النطاق الإلكتروني الأكثر مصداقية، وبنسبة 33%، وكانت التطبيقات الرقمية ثانية بنسبة 31%، والمواقع الإلكترونية الرسمية ثالثة بنسبة 17%، ووسائط التواصل الاجتماعي رابعة، بنسبة 14%، ومن ثم المواقع الإلكترونية الشخصية بنسبة 6% ، في المرتبة الأخيرة، وهو ما يظهر تناقضاً في عد وسائط التواصل الاجتماعي الأكثر أهمية والأقل مصداقية بالنسبة للمستخدمين.
الأشكال الفاعلة
كان من المفيد تحديد الدراسة لشكل المحتوى الرقمي الأكثر قدرة على تجسيد المضامين للمستخدمين، من وجهة نظر المبحوثين، ضمن مؤشرات الاستخدام الرقمي في العراق، وتؤشر نتائج الدراسة عد العينة (المحتوى الفيدوي) الشكل الأكثر قدرة على تجسيد المضامين، حين حلّ بالمرتبة الأولى بنسبة 26%، و(محتوى الغرافيك) ثانياً، بنسبة 25%، و(المحتوى النصي القصير) ثالثاً، بنسبة 18%، و(المحتوى الصوري) رابعاً بنسبة 9%، و(المحتوى النصي المقالي) خامساً بنسبة 7%، و(الكتب الإلكترونية) سادساً بنسبة 6%، و(الملفات الصوتية) سابعة بنسبة 5%، فيما أتت (دراسة الحالة) في المرتبة الأخيرة، بنسبة 4%، وقد تعود هذه النتيجة لارتباطها بجمهور محدد من المستخدمين.
وينقسم مجال صناعة المحتويات الرقمية في ثلاثة أبعاد، يتمثل الأول بالمجال الشخصي/ الاجتماعي، والثاني بالمجال العام، والأخير بالمجال التجاري، ومن هنا حاولت الدراسة الوقوف على نوع المجال الذي يختص فيه البحوثون، بينت النتائج بان فئة (المجال الشخصي/ الاجتماعي) حلّت في المرتبة الأولى، بنسبة 61%، بالقياس إلى (المجال التجاري) الذي جاء ثانياً، بنسبة 27%، و(المجال العام) أخيراً، بنسبة 12%، الأمر الذي يظهر عناية صناع المحتوى الرقمي الرقمي بالمجال الشخصي الاجتماعي.