الدكتور صفد الشمري
رئيس مجلس المسار الرقمي العراقي
نُشرت في جريدة “الصباح” بالعدد 5382 في 14/4/2022
في وقت أخذت فيه منتجات وخدمات التطبيقات الرقمية تشمل جميع الاحتياجات اليومية للمتلقين على مستوى العالم، مازالت ثقافة الافادة من منتجات وخدمات التطبيقات الرقمية على المستوى العراقي محدودة للغاية، وفي مجالات معينة، على الرغم من ان عدداً من التطبيقات لدينا حققت نجاحاً غير مسبوق، ووفرت فرصاً واسعة لتشغيل الشباب، الأمر الذي يدفع بالمستخدم المحلي إلى اعتماد التطبيقات العربية للإفادة من خدماتها.
وفي عالم تفيد فيه الاحصائيات، لغاية نهاية آذار الماضي ان معدلات بيع الهواتف الذكية قد بلغ 1.5 مليار هاتف ذكي سنوياً، مع عدد مستخدمين ارتفع إلى أكثر من ثلاثة مليارات مستخدم، وان التطبيقات الرقمية المتاحة اليوم على اشكالها قد وصلت إلى تسعة مليارات، تكون هناك اشارة واضحة بأهمية هذه التطبيقات لما تقدمه على ارض الواقع من عوائد وايجابيات وتيسير متطلبات الحياة اليومية.
من حيث المبدأ، تنقسم التطبيقات الرقمية الى ثلاثة أنواع، أولها “تطبيقات الويب”، التي تتمثل بكونها واجهة عرض تفاعلية مبرمجة ضمن متصفح داخلي، وهي تتميز بانها لا تتطلب جهداً كبيراً في عمليتي التصميم والبرمجة، وهي تعمل على جميع منصات وأنظمة التشغيل في الهواتف الذكية، إلا انها تكون محدودة من حيث الميزات.
وهناك “التطبيقات الأصلية”، التي تمتاز عن “تطبيقات الويب” في تعقيدها واعتمادها ميزات وقدرات الهواتف الذكية، وهي اشبه بالبرامج الحاسوبية، وقد لا تتطلب وجود الانترنت اثناء عملها، فيما تجمع “التطبيقات الهجينة” بوصفها النوع الثالث من التطبيقات الرقمية، بين “تطبيقات الويب” وبين “التطبيقات الاصلية”، كونها تمتاز بالتخصيص الواسع واستخدام ميزات الهواتف الذكية، وتمتاز بشفرة برمجية واحدة تعمل على مختلف انظمة التشغيل.
ويتطلب تصميم التطبيق الرقمي امتلاك الموقع الكتروني على الويب، ومعرفة الهدف من انشاء التطبيق وما هو نوعه او المجال الذي سيختص به، واختيار برامج تصميم التطبيق، وتعلم لغات البرمجة، وحماية التطبيق من الاختراق، وهناك برامجيات مجانية تحت مسمى صانع تطبيقات الجوال، يمكن عن طريقها للمستخدم الاعتيادي انشاء تطبيقه بسهولة، بادخال اسم التطبيق، والهدف منه، واضافة الميزات المتوفرة التي يحتاج اليها صانع التطبيق، ومن ثم اطلاقه ونشره على المتاجر الالكترونية.
الاخفاق لدينا لا يقف عن حدود انشاء التطبيقات الرقمية، إذ تقف صناعة المحتوى الرقمي في العراق بشكل عام في ترتيب متأخر للغاية على مستوى العالم، على مستوى مواقع الويب وحسابات وقنوات وسائط التواصل الاجتماعي، وخدمات ومنتجات التطبيقات الرقمية، على الرغم من توافر متطلبات الجاهزية “التقنية”، وهذا ما يستوجب الوقوف على مدى دراية صنّاع المحتوى لدينا بمعايير جودة المحتوى الرقمي.
وتحديد معوقات صناعة المنتج الرقمي المتصف بالجودة في البلاد، ومعرفة المستوى الفني الحقيقي لصنّاع المحتويات الرقمية انفسهم، وتقديم الوصف الدقيق لواقع البيئة الرقمية المحلية، إلى جانب معرفة الدور الحقيقي للمؤسسات العراقية المختصة في تنمية صناعة المحتوى الرقمي، من مدارس وجامعات ومؤسسات حكومية ومجتمعية والتركيز على التشجيع في انشاء التطبيقات الرقمية المحلية!
لقد قابلت عملية صناعة المحتوى الرقمي مجموعة من التحديات التي كان ابرزها فيما يعرف بالفجوة الرقمية، ولا ترتبط تلك الفجوة بالجاهزية التقنية، من الأدوات والمتطلبات المادية، فالتقنية، من وجهة نظر المختصين، كانت وستظل منتجاً اجتماعياً، وقد جاءت المعلومات والاتصالات بمنزلة تأكيد حاسم لهذا الرأي.
وبقدر ما يحتاج تضييق الفجوة الى توفير الوسائل الفنية، بقدر ما يحتاج الى نوع من الابتكار الاجتماعي او ابتكار ما بعد التقنية، إذ صارت التقنية الرقمية تنمو بشكل متزايد ومتشابك مع الحياة اليومية، من التعليم المدرسي والتربية الى الانخراط السياسي والادارة المالية والصحية، وهو ما يتطلب فهم الحاجة الى التحديات التي توفرها الاستخدامات الرقمية في المجتمعات، وفي مقدمتها التعاطي مع التطبيقات الرقمية.
الامر الذي يدعو إلى ضرورة اضطلاع المؤسسات الحكومية والجامعات والمدراس العراقية بأدوارها في مجال تنمية المجال الرقمي العراقي، فيما برتبط بإنشاء التطبيقات الرقمية المحلية، التي يمكن ان تقدم خدماتها ومنتجاتها وفقاً لمعرفتها باحتياجات السوق العراقية والمتلقي المحلي!