علي محمد ابراهيم
المقال ضمن وقائع العدد الاول لمجلة “المسار الرقمي”
لم تكن الخطوة الاولى في المسار الرقمي العراقي لتطأ الأرض، انما هي خطوة نحو الفضاء الواسع الذي تشابكت فيه خيوط الشبكة العنكبوتية، بعد ان ترك لزمن طويل لتهيمن عليه الفوضى، وتبني مجدها دون اي راع او موجه او قانون او ادارة تحكم او تنظم هذا العمل او ذاك والذي اطلق عليه تسمية (المحتوى).
وقد اخذ هذا الفراغ الالكتروني يتسع بشكل كبير وهو يتناول الحياة المدنية للمجتمع ويمس القيم والاعراف ويتعرض للدين والتقاليد والثوابت الانسانية وحياة الاطفال دون اي قيد أو شرط، اضافة الى تأثيره في السلوك الاجتماعي للفرد والجماعة على حد سواء، من هنا كانت بداية تأسيس مجلس المسار الرقمي العراقي، برئاسة الدكتور صفد الشمري، التي اعلنها في شهر شباط من هذا العام بعد ان استغرق الاعداد والتحضير لهذا الصرح الجديد اكثر من سنتين تقريباً.
ورغم الاستقلال الكامل لهذا المركز، الا انه ادرك بشكل استباقي ان مهمته تحتاج الى تعاضد وتعاون كل المؤسسات الحكومية والفعاليات المدنية والتربوية، وقد شكل هذا التعاون الذي اطلقه المسار مايشبه (التحالف الثقافي التوعوي)، بعد ان شاركت فيه وزارة الداخلية ووزارة التربية ووزارة الثقافة وهيئة الاتصالات، اضافة الى الاعلام العراقي الحكومي والمستقل وكل الفعاليات المدنية باختلاف اشكالها، لان الهدف تمكين المجتمع من النهوض بشكل ارقى وأكثر أمناً في تناول الموضوعات المدنية عبر برامج الشبكة العنكبوتية، وخاصة ما يعرف ببرامج التك توك والانستغرام واليوتيوب وغيرها، من المنصات التي اخذت تتعرض لحياة المجتمع العراقي بشكل مباشر، وهي تعرض الاعمال والمحتويات بشكل خال من الرقابة والتوجيه.
وفي الوقت الذي لم يكن يرغب فيه المسار الرقمي ان يتعرض الى حرية التعبير بأي شكل من الأشكال، فأنه اختار من البداية التوعية طريقاً بديلاً، لانها هي السبيل الوحيد لإنقاذ المجتمع، والحفاظ على حرية الرأي في نفس الوقت، وبذلك فقد اشرف المسار وبالتعاون مع مجموعة المدارس الملكية في منطقة السيدية، على تأسيس الاكاديمية الرقمية للمهارات الرقمية، لأول مرة في العراق، تعنى بالثقافة الرقمية وفيها كافة الاختصاصات والمهارات، حيث ان توجه المسار الرقمي العراقي لا يقف عند نقطة (المحتوى)، انما الغاية هي ايجاد ثقافة رقمية عراقية لمواكبة التطور العلمي الكبير، الذي يشهده العالم في فضاءه الإلكتروني الواسع.
وبذلك فأن الغايات كبيرة وربما صعبة لترسيخ ثقافة نوعية رقمية في المجتمع، وهذا يتطلب بالتأكيد الى العناية اولاً بثقافة الطفل الالكترونية وتنشأته في بيئة ملائمة، وهذا ما جعل المسار الرقمي ان يتواصل مع وزارة التربية للتنسيق والعمل على صناعة الثقافة الرقمية، ابتداءً من رياض الأطفال، وكل المراحل الدراسية، لأن الطفل هو أول الطريق .