المستشار جمال الأسدي
تكون من الحقوق الاساسية التي يسعى الدستور لحمايتها، الحق في الحياة الخاصة وقد حرص على ذلك في نص المادة (17/ أولاً وثانياً) من الدستور على ان: (لكل فردٍ الحق في الخصوصية الشخصية، بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين، والآداب العامة. وحرمة المساكن مصونةٌ، ولا يجوز دخولها أو تفتيشها أو التعرض لها إلا بقرارٍ قضائي، ووفقاً للقانون).
اما تشريعياً: فقد جرم قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بحرية الانسان حيث نصت المادة (٤٣٨ / ١و٢)، منه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين.. من نشر بإحدى طرق العلانية اخباراً او صوراً او تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة، أو العائلية للأفراد، ولو كانت صحيحة اذا كان من شأن نشرها الإساءة إليه.. ومن إطلع من غير الذين ذكروا في المادة 328 على رسالة او برقية او مكالمة تلفونية فأفشاها لغير من وجهت اليه اذا كان من شأن ذلك الحاق الضرر بأحد.
ويتضح مما تقدم ان القانون العراقي يعاقب على إفشاء أسرار الحياة الخاصة ولأي سبب، خاصة اذا كانت تلحق الضرر بأحد، اما اذا كان التنصت من موظف أو مكلف بخدمة عامة، فستكون العقوبة مشددة.
ان الاشكالية تكمن في خطورة هذه الجريمة مع التطور الإلكتروني السريع لأجهزة الهاتف والحاسبات وغيرها، وكذلك زيادة وسائل التنصت بالأجهزة الحديثة، لتكون من بعد قد يكون اكثر من ٥٠٠ متر وأيضاً التجسس على وسائل التواصل الاخرى من قبيل البريد الإلكرتوني، ووسائل التواصل الاجتماعي.
ولكون هذه الانواع من التنصت والتجسس قد تتجاوز الى العوائل وصورهم الشخصية وتكون ادوات للابتزاز والمساومات والتهديد، وكون هذه الانواع من التنصت والتجسس الشخصي قد يسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية والمجتمعية، لذا نهيب بالمشرع العراقي وبناءً على التطور الحاصل في مجال الاتصالات ان يعدّل المواد العقابية انسجاماً مع النص الدستوري اعلاه، ولتكون ردعاً مهماً لمن يمتهن هذا الاسلوب الذي عاقبت عليه الشرائع السماوية قبل البشرية.