القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
يُعد الهاتف النقال ووسائل الاتصال الحديثة صورة من صور التطور الحديث الذي يشهده العالم حيث تحول العالم الى قرية صغيرة، من حيث سهولة الاتصال ونقل المعلومات، إلا ان لهذه الخدمة العديد من السلبيات، ومنها الجرائم التي يمكن أن ترتكب بوساطتها.
ومن هذه الجرائم إساءة اجهزة الاتصال الحديثة الهاتف الجوال، من خلال التهديد بواسطة الهاتف النقال، أو إرتكاب جرائم السب والشتم عن طريق استعمال النقال أو جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة، من خلال تصوير أمور شخصية أو صور شخصية أو التشهير، عن طريق استعمال هذه الصور ونشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتحرش، ولا شك في ان عجلة التطور كلما تقدمت الى الامام فان التطور يسبب أموراً سلبية داخل المجتمع.
وفي إطار القانون الجنائي يقال ان لكل تطور جريمة تقابله وجرائم التهديد عن طريق استعمال الهاتف النقال باعتباره من وسائل الاتصال الحديثة، من خلال التهديد بالاتصال المباشر أو ارسال رسالة خطية تتضمن التهديد بالقتل او الخطف او التحرش، وهذه الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، في الجرائم الماسة بحرية الانسان.
وفي الواقع العملي نجد ان الكثير من الشكاوى تتضمن تلقي التهديد عن طريق الهاتف النقال او تلقي التحرش الجنسي او الاعتداء بالسب والشتم، وقد تستخدم أجهزة الاتصال الحديثة في ارتكاب جرائم الخطف وجرائم الإرهاب، وهي من الجرائم الخطرة التي تهدد امن واستقرار البلد، فيجب ان يكون هناك دور لشركات الهاتف النقال في التعرف على الجناة من الجانب الفني، لكي يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجناة، حيث يصدر قاضي التحقيق قراراً بمفاتحة شركة الاتصال المختصة لغرض معرفة عائدية الرقم المتصل، وتزويد المحكمة بالمعلومات التفصيلية مع بيان المكان الذي حصل منه الاتصال.
ولكن تثور الكثير من المشكلات بخصوص ارقام الهواتف النقالة، إذ ان أغلب الوثائق التي يتم استخدامها لإجراء عقد بيع جهاز الهاتف النقال لا تعود للمشتري، ولا يتم التحقق عن عائدية صاحبها الاصلي، او قد يتم التصرف ببيع الخط الى اكثر من شخص، ويبقى باسم المشتري الأول، والذي لا تربطه أية صلة بحادث التهديد بواسطة الهاتف النقال.
ويتطلب إلزام شركات الهاتف النقال بان تكون هناك قاعدة بيانات للمشتركين والأسماء وأضابير للمستمسكات العائدة للمشتركين، وإعتماد البصمة الذكية، وان يكون هناك تنسيق بين شركات الاتصالات وبين الجهات الأمنية ووزارة الاتصالات والأمن الوطني، لاسيما ان البعض من مرتكبي جرائم التهديد يعمدون الى إتلاف الشريحة بعد إرتكابها، ومن الضروري إعادة العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي للجرائم المرتكبة بواسطة وسائل الاتصال الحديثة.