البيانات التدريبية والتشغيلية في الإعلام

الدكتور صفد الشمري

استاذ الاعلام الرقمي بجامعة بغداد

رئيس مؤسسة بغداد للتواصل والإعلام الرقمي

البيانات الرقمية: هي الحقائق أو القيم غير المعالجة في شكلها الأولي، ولا تحمل بذاتها أي معنى واضح او محدد، من دون تصنيفها، ويتم تخزينها في صورة أرقام أو إشارات رقمية، ليمكن معالجتها، وتتنوع هذه البيانات بين النصوص والصور والفيديو  والأصوات، وحتى البيانات الحسية في أجهزة الاستشعار، من قبيل الحرارة أو الحركة، ويتم استخدامها كمدخلات أو موارد لتوليد المعلومات ذات الفائدة، لتمثل الأساس الذي يتم بناء الفهم والتفسير عليه، ضمن سياق عمل نظم المعلومات.

وتنقسم البيانات بشكل عام، بين البيانات التشغيلية، التي تدعم الأنشطة اليومية، والبيانات التدريبية، التي تُستخدم في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، وبينما تكون البيانات التشغيلية حيوية للقرارات الفورية والمباشرة، ولا يمكن من دونها تشغيل أي نظام رقمي، فإن البيانات التدريبية توفر الأساس لتطوير الأنظمة الذكية، التي تعتمد على التعلم الآلي.

البيانات التشغيلية والتدريبية:

أولاً: البيانات التشغيلية: البيانات التي يتم جمعها أثناء العمليات اليومية للأعمال أو الأنشطة التي تتم في الوقت الفعلي، وتستخدم لدعم القرارات الحية والأنشطة اليومية، وتساعد في اتخاذ القرارات السريعة المبنية على الواقع، مثل إدارة المخزون والتعامل مع العملاء وتحليل إداء الأنظمة، والتحليل الفوري والعملي.

ومن خصائص البيانات التشغيلية تحديثها المستمر في الوقت الفعلي، وهي في الغالب تكون بيانات صغيرة الحجم نسبياً تتم معالجتها في أنظمة قواعد بيانات، وتتضمن معلومات عن العمليات اليومية مثل المعاملات المالية ومبيعات المنتجات أو تفاعلات المستخدمين، وبذا هي تضمن سير العمل اليومي للأعمال، وتدعم الأنشطة التشغيلية مثل الدفع الإلكتروني وإدارة المنتجات.

ثانياُ: البيانات التدريبية: مجموعة البيانات التي يجري استخدامها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي أو الخوارزميات، بهدف تعلم الأنماط واستخراج المعرفة من البيانات، ويجري استخدامها لبناء نماذج التعلم الآلي، وتساعد الخوارزميات في تحسين أدائها، و التعرف على الأنماط والتنبؤات المستقبلية، وتعلم الأنماط السلوكية أو التصنيف أو التنبؤ بالبيانات.

ويتم جمع البيانات التدريبية بشكل منهجي ومنظم على وفق أهداف محددة، ولذلك يتم تصنيفها، مثل تصنيف الصور أو النصوص المشروحة، و تقسيمها إلى مجموعات تدريب واختبار لتقييم أداء النموذج، لغرض دعم بناء نماذج الذكاء الاصطناعي، وتحسين الأنظمة الذكية، عبر التدريب على مجموعة متنوعة من الأمثلة.

البيانات التشغيلية في الإعلام:

1. تحسين تجربة المستخدم: تستخدم البيانات التشغيلية في الإعلام، ومنها تفاعلات المستخدم مع المحتوى، من مشاهدات الفيديو والنقرات والتفاعلات الاجتماعية، لتحليل سلوك المستخدم في الوقت الفعلي، وتساعد  هذه البيانات وسائل الإعلام في تحسين تجربة المستخدم، عن طريق توفير محتوى يتناسب مع اهتماماته وسلوكياته، فإذا كان المستخدم –على سبيل المثال- يتفاعل بشكل كبير مع مقاطع الفيديو الرياضية، يمكن للمنصات الرقمية تخصيص توصيات الفيديو بناءً على هذه البيانات التشغيلية.
2. تطوير استراتيجيات التسويق والإعلانات: تسهم البيانات التشغيلية في تحسين حملات التسويق الرقمي والإعلانات بقياس فاعلية الحملات الإعلانية في الوقت الفعلي، ويمكن ان تشمل هذه البيانات عدد النقرات والتفاعلات مع الإعلانات وبيانات تحويل الزوار إلى عملاء، فبواساطة تتبع تفاعل الجمهور مع إعلان معين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، يمكن للمعلنين تعديل استراتيجياتهم أو تخصيص الإعلانات لجذب الاهتمام بشكل أكبر.
3. تحسين إدارة المحتوى: تستخدم البيانات التشغيلية في المواقع الإلكترونية والتطبيقات الرقمية، لتحديد المواضيع الأكثر جذباً للجمهور، مما يساعد المؤسسات الإعلامية في تحسين توزيع المحتوى وتحديد الأولويات، فإذا كانت هناك زيادة في الطلب على موضوع معين، يمكن للمواقع الإعلامية تعديل المحتوى ليشمل المزيد من المواد المتعلقة بهذا الموضوع.
4. دعم اتخاذ القرارات الحية: يمكن للبيانات التشغيلية أن تساعد فرق الصحفيين في اتخاذ القرارات الفورية مثل تعديل البرامج أو تحسين تقديم المحتوى بناءً على ما يطلبه الجمهور، فإذا كانت منصة إعلامية معينة تلاحظ أن الجمهور يشاهد برامج معينة في وقت معين، يمكن تعديل البرمجة لمواكبة هذه التوجهات.

البيانات التدريبية في الإعلام:

1. تحسين خوارزميات التوصية: يتم استخدام البيانات التدريبية في تحسين الخوارزميات التي تزوّد المستخدمين بتوصيات دقيقة وشخصية للمحتوى، وتعتمد منصة “نيتفليكس”، على سبيل المثال، على البيانات التدريبية لبناء نماذج تعلم آلي، لتدرس سلوكيات المستخدمين وتقدم لهم المحتوى الذي يتوافق مع اهتماماتهم، فاذا كان المستخدم يشاهد مقاطع الفيديو عن الطهي، ستساعد البيانات التدريبية في تحسين الخوارزمية بحيث توصي بمزيد من المقاطع ذات الصلة.
2. تحليل المشاعر والتوجهات: يمكن للبيانات التدريبية تحليل مشاعر الجمهور تجاه مواضيع معينة عبر تحليل النصوص، ومنها طبيعة التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي، ويمكن لهذه البيانات أن تكون أساسية لفهم كيف يشعر الجمهور تجاه الموضوعات أو الاحداث، وتساعد البيانات التدريبية في التعرف على أنماط المشاعر في التعليقات على الأخبار أو الحملات الإعلانية، ويمكن للإعلاميين تعديل رسائلهم لتكون أكثر توافقاً مع الجمهور.
3. تطوير المحتوى الذكي: يمكن استخدام البيانات التدريبية لتطوير المحتوى التفاعلي أو المؤتمرات الصحفية الذكية المعتمدة على التفاعل مع الجمهور، ويساعد استخدام هذه البيانات في تطوير روبوتات المحادثة (Chatbots) ، لتكون قادرة على الرد على أسئلة الجمهور بشأن الأخبار أو المواضيع الساخنة.
4. تحسين صحافة البيانات: يمكن لوسائل الإعلام استخدام البيانات التدريبية لتطوير التقنيات الاكثر تقدماً في صحافة البيانات والاستقصائية باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتحليل كميات ضخمة من البيانات، مثل الوثائق أو مقاطع الفيديو، لاستخلاص الأنماط والاتجاهات.
5. التنبؤ بالأحداث: يمكن للمؤسسات الإعلامية استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأحداث المستقبلية بناءً على الأنماط السابقة، ويمكن أن يكون ذلك مفيداً في التخطيط للتحليلات المستقبلية وتغطية الأخبار، ومنها امكانية استخدام نماذج تعلم الآلة لتحليل البيانات التاريخية حول الأحداث الرياضية أو السياسية، للتنبؤ بالنتائج أو الحدث التالي الأكثر احتمالاً.