الدكتور صفد الشمري
رئيس مؤسسة بغداد للتواصل والاعلام الرقمي
استاذ الاعلام الرقمي بجامعة بغداد
تعد الهوية الرقمية بمنزلة الانعكاس الإلكتروني للإعلامي أو المؤسسة الإعلامية في الفضاء الرقمي، وتتشكل من مجموع البيانات الشخصية وسجلات التفاعل والمحتويات المنشورة، عبر مواقع الويب وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات والتطبيقات الرقمية، لذا فهي تعني التخطيط والتنظيم وإدارة أدوات التحكم في الصورة والانطباع الذي يتركه الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية على المنصات الرقمية.، وتتضمن هذه العملية بناء وحماية السمعة الرقمية، وإدارة المحتوى المنشور، والتفاعل مع الجمهور بطريقة استراتيجية، مع الحفاظ على المصداقية والتزام حدود المهنية.
وبهذا، صارت إدارة الهوية الرقمية في الإعلام ليست قضية تكميلية أو شكلية، بل ضرورة محورية لضمان الحضور الإيجابي والمؤثر في الفضاء الرقمي، عن تطبيق الاستراتيجيات الفاعلة لحماية السمعة، وتعزيز المصداقية، ومراقبة التفاعل الجماهيري، وبما يمكّن الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية من الحفاظ على صورة احترافية مؤثرة ومستدامة.
مكونات الهوية الرقمية في الإعلام
- المعلومات الشخصية : الاسم وعناوين وأدوات وطرائق الوصول.
- الحضور الرقمي: التفاعل عبر الإنترنت، من قبيل: التعليقات والمشاركات والإعجابات.
- المحتوى المنشور: المحتويات الرقمية النصية والصوتية والفيديوية والصورية والغرافيك.
- السمعة الرقمية: التصور أو الانطباع العام، الذي يتشكل عن الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية عن طريق الأنشطة الرقمية.
اهمية إدارة الهوية الرقمية في الإعلام
- تعزيز المصداقية والثقة: تساعد الهوية الرقمية القوية والمنظمة في بناء ثقة الجمهور بالمؤسسات الإعلامية أو الشخصيات العامة، مما يعزز مصداقيتهم في المجال الإعلامي.
- التأثير في الجمهور: يسهم كل تفاعل أو محتوى يتم نشره، في تشكيل صورة ذهنية عن الفرد أو المؤسسة، مما يؤثر على تفاعل الجمهور واستجابته:
- الحماية من التشويه والاختراق: من الناحية التقنية، تقلل إدارة الهوية الرقمية بشكل جيد من مخاطر الاختراقات، والتلاعب بالمعلومات، أو التشويه المتعمد للصورة العامة.
آليات إدارة الهوية الرقمية في الإعلام
- بناء علامة تجارية رقمية قوية: اختيار عناصر تيبوغرافية موحدة عبر جميع الحسابات، واستخدام أسلوب متناسق في التواصل والتفاعل مع الجمهور، والتأكد من نشر محتوى عالي الجودة يعكس القيم والمبادئ الخاصة بالمؤسسة أو الفرد.
- مراقبة وتحليل الهوية الرقمية: استخدام أدوات تحليل البيانات لتقييم تأثير المحتوى المنشور، ومراقبة ردود الفعل والتفاعل الجماهيري، لمعرفة كيفية تحسين الهوية الرقمية.
- الحماية الأمنية للهوية الرقمية: استخدام كلمات مرور قوية وحماية الحسابات الرقمية، وتفعيل المصادقة الثنائية لتأمين الحسابات، والحد من مشاركة المعلومات الشخصية الحساسة عبر الإنترنت.
- صيانة السمعة الرقمية: الاستجابة الاحترافية للتعليقات السلبية وإدارة الأزمات الإعلامية بذكاء، وتقديم محتوى إيجابي يعزز الصورة العامة، وتصحيح المعلومات الخاطئة أو المضللة فور انتشارها.
استراتيجيات بناء الهوية الرقمية في الإعلام
- تحديد الرؤية والرسالة الإعلامية: صار من الضروري تحديد الرؤية والرسالة الإعلامية التي تعكس المبادئ والقيم الأساسية للفرد أو المؤسسة، وصياغة رسالة واضحة ومحددة، توضح قيم الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية، واختيار مجال التخصص الإعلامي ، مثل: الصحافة الاستقصائية، أو الإعلام الترفيهي، أو الأخبار العاجلة.
- إنشاء وتطوير المحتوى الإعلامي الرقمي: ان المحتوى هو العنصر الأساسي في بناء الهوية الرقمية، حيث يعكس جودة العمل الإعلامي ويؤثر في الجمهور، وهنا ينبغي إنتاج محتوى بقيمة:حقيقية، عن طريق تقديم معلومات موثوقة وذات صلة بالجمهور المستهدف، والتنوع في هذا المحتوى، من حيث الأشكال والمضامين، والتفاعل مع الأحداث الجارية، وتحليل الأحداث، واستخدام اللغة والأسلوب المناسبين للجمهور المستهدف.
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بفاعلية: تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في بناء الهوية الرقمية، لذا بات من الضروري إدارتها بحرفية، بتحديد المناسب منها للجمهور، والتعاطي الايجابي معها بالتفاعل مع الجمهور، عن طريق الردود والاستطلاعات والبث المباشر، والالتزام بالجدولة الزمنية للنشر لزيادة التفاعل.
- تعزيز المصداقية والثقة: تعد المصداقية الأساس في نجاح الهوية الرقمية لأي إعلامي أو مؤسسة إعلامية، لذا يتعين الألتزام بنشر المعلومات الدقيقة وتجنب الأخبار الكاذبة، والاستناد إلى مصادر رسمية وموثوقة في التقارير والتحليلات، والكشف عن الأخطاء والاعتذار عند اللزوم لتعزيز الشفافية، وعدم الانحياز والتزام الحياد عند تقديم الأخبار والتحليلات.
تحديات إدارة الهوية الرقمية في الإعلام
- التضليل الإعلامي والأخبار المزيفة: يمكن ان يؤثر انتشار المعلومات المغلوطة يمكن بشكل سلبي على الهوية الرقمية، لذا يجب التحقق من المصادر قبل النشر.
- الهجمات الإلكترونية وسرقة الهوية: يجب اتخاذ تدابير أمنية قوية لمنع الاختراقات وسرقة البيانات.
- صعوبة التحكم في المحتوى المنتشر: قد يكون من الصعب ضبط أو حذف المحتوى السائد، بعد تداوله من منصات ومواقع أخرى، لذا يجب التفكير بعناية قبل نشر أي محتوى.
- ضغوط الرأي العام وردود الفعل السلبية: يمكن أن تتعرض المؤسسات الإعلامية والعاملين فيها لحملات انتقاد، تستدعي استراتيجيات لإدارة هذه الحملات ومواجهة الأزمات.
دور الإعلاميين في إدامة الهوية الرقمية
- الالتزام بأخلاقيات الإعلام الرقمي: نشر المعلومات الدقيقة، وتجنب نشر المحتوى المضلل، واحترام الخصوصية، والتعامل المهني مع البيانات والمصادر.
- انتاج محتوى إعلامي يعزز الصورة الرقمية: ان المحتوى هو العنصر الأساسي في إدارة الصورة الرقمية للإعلاميين، وهو ما يحدد مدى تأثيرهم وانتشارهم، وهو ما يتطلب تنويعاً في انتاج هذا المجتوى، من حيث الأشكال والأساليب، واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
- التفاعل المستمر مع الجمهور: تعزيز التواصل المباشر مع المتابعين، لبناء علاقة قوية مع الجمهور، والرد بلباقة على التعليقات والاستفسارات.
- التحديث المستمر للمحتوى: مواكبة التطورات الرقمية ونشر محتوى حديث وجاذب.
- تطوير المهارات الرقمية للإعلاميين: يحتاج الإعلاميون إلى تحديث مهاراتهم الرقمية باستمرار لمواكبة التطورات في الإعلام الرقمي، عبر المشاركة في الدورات التدريبية المختصة في الإعلام الرقمي والتسويق الإلكتروني، وتعلم مهارات تحليل البيانات الرقمية لفهم توجهات الجمهور، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل: أدوات الكتابة والتحليل التلقائي، ومواكبة أحدث التوجهات في الإعلام الرقمي، من قبيل تقنيات البث المباشر والتفاعل الفوري.
احداث ذات صلة: