إيهاب عنان
باحث في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني – منصة التواصل الرقمي
الأمن السيبراني هو أحد أهم التحديات التي تواجه القرن الحادي والعشرين، فمع تزايد التحول الرقمي والترابط في العالم، تزداد مخاطر الهجمات السيبرانية بشكل هائل، ويمكن ان تسبب الهجمات السيبرانية أضراراً كبيرة للأفراد والشركات والحكومات والبنية التحتية الحيوية، مما يؤثر على الأمن والاقتصاد والاستقرار للدول.
العراق، كدولة واجهت عقوداً من الصراع والعنف وعدم الاستقرار، مما يجعله بيئة خصبة ليكون عرضة للتهديدات السيبرانية.
فأقتصاد العراق المعتمد على النفط كمورد اساسي، وضعف الحوكمة في المؤسسات الحكومية يجعله هدفا مغريا للمجرمين السيبرانيين والقراصنة سواءً المحليين او المدعومين من الدول والجماعات المتطرفة.
وما تعرض له من تسريبات لبيانات المواطنين على تطبيق “التلجرام” مؤخراً خير دليل، إذ يعاني العراق من نقص في الوعي والمهارات والموارد اللازمة للأمن الرقمي المؤسساتية والشخصية التي تجعله بمستوى الارتقاء للمحافظة على بياناته، مما يعوق قدرته على الدفاع عن نفسه والتعامل بفعالية مع الحوادث السيبرانية.
ومع ذلك، فالعراق لديه الإمكانية الكبيرة لتحسين موقفه ومرونته في مجال الأمن السيبراني، من خلال استغلال الكفاءات المطمورة بين اروقة مدنه وجامعاته ودوائره الحكومية والتي يتم زجها للعمل في أقسام مغايرة لاختصاصها إلا ما ندر ولا يتم التركيز عليها وتطويرها إلا بدورات فقيرة تقف بأول خطواتها وندوات نظرية لمواضيع مكررة بينما مجال الأمن الرقمي يحتاج الى تطبيقات عملية، ويمكن التحسين ايضاً بواسطة التعلم من أفضل الممارسات والابتكارات للمجتمع العالمي للأمن السيبراني.
إحدى الفرص التي يمكن للعراق الاستفادة منها هي المشاركة في مسابقة بلاك هات التي تعتبر أكبر حدث للأمن السيبراني في المنطقة، وبخطوة إيجابية شارك العراق بأسم فريق “لشركة عراقية” حصل فيها على المرتبة 139 عالميا في تلك المسابقة على مستوى الشرق الاوسط وافريقا والتي اقيمت في الرياض بالمملكة العربية السعودية للفترة 14-16 تشرين الثاني 2023، وهذا دليل على وجود عقول تمضي قُدُماً في ذلك المضمار ولكن ضمن قِطاع خاص لذلك نطمح ان يكون في المواسم القادمة ان يشارك فريق حكومي معتمد.
ما هو “بلاك هات”؟
مؤتمر ومعرض رائد في مجال الأمن السيبراني يجمع أكثر من 40.000 محترف في مجال الأمن المعلوماتي، و300عارض، و300 متحدث عالمي من أكثر من 120 دولة، يوفر منصة لأحدث الأبحاث والاتجاهات والأدوات والتقنيات في مجال الأمن السيبراني، ويغطي مواضيع مثل الأمن الهجومي، والهجمات السيبرانية، وأمن المعلومات، وإدارة المخاطر السيبرانية، والوظائف في مجال الأمن السيبراني، والتقنية ذات الصلة
يقدم أيضا ميزات وأنشطة مختلفة للحضور لتعزيز معرفتهم ومهاراتهم وشبكتهم، مثل:
– قمة التنفيذيين: منتدى عالي المستوى لكبار المسؤولين وصناع القرار لمناقشة التحديات والفرص الاستراتيجية للأمن السيبراني في المنطقة.
– إحاطات: عروض من قبل خبراء وباحثين رائدين عن أحدث وأكثر المواضيع ذات الصلة بالأمن السيبراني.
– تدريبات: دورات عملية من قبل مدربي بلاك هات على جوانب فنية وغير فنية مختلفة من الأمن السيبراني، تتراوح من المستوى المبتدئ إلى المتقدم.
– مستودع الأدوات : منطقة عرض حيث يعرض الباحثون والمطورون في مجال الأمن أدواتهم وتقنياتهم المفتوحة المصدر للقرصنة.
– قاعة الأعمال: منطقة معرض حيث يمكن للحضور التفاعل مع مئات من الشركات الرائدة والشركات الناشئة في مجال الأمن السيبراني، واكتشاف منتجاتهم وخدماتهم.
– منطقة النشاط: منطقة ممتعة وتفاعلية حيث يمكن للحضور المشاركة في مختلف الألعاب والألغاز والتحديات المتعلقة بالأمن السيبراني.
من خلال حضور “بلاك هات”، يمكن للعراق الافادة من المزايا التالية:
- التعلم من الأفضل: يمكن للعراق الحصول على رؤى ومعرفة قيمة من خبراء وباحثين رائدين في مجال الأمن السيبراني، والتعرف على آخر التطورات والاتجاهات والابتكارات في المجال. يمكن للعراق أيضا الاستفادة من أفضل الممارسات والمعايير للأمن السيبراني، وتطبيقها على سياقه واحتياجاته.
- تعزيز المهارات والقدرات: يمكن للعراق تحسين مهاراته وقدراته الفنية وغير الفنية في مجال الأمن السيبراني، من خلال الاستفادة من التدريبات والعروض والمسابقات المختلفة التي يقدمها بلاك هات والحصول على أدوات وتقنيات جديدة لتعزيز دفاعاته واستجاباته السيبرانية.
- التواصل والتعاون: يمكن للعراق بناء وتعزيز علاقاته وعلاقاته مع المجتمع العالمي للأمن السيبراني، واستكشاف فرص التعاون والتعاون. يمكن للعراق أيضا تبادل الأفكار والتجارب مع الحضور الآخرين، والتعلم من تحدياتهم ونجاحاتهم.
- رفع الوعي والرؤية: يمكن للعراق رفع وعيه ورؤيته بأهمية وصلة الأمن السيبراني، وعرض إنجازاته وإمكاناته في المجال. يمكن للعراق أيضا إظهار التزامه واستعداده لتحسين موقفه ومرونته في مجال الأمن السيبراني، والمساهمة في الجهود الإقليمية والعالمية للأمن السيبراني.
“بلاك هات” هو فرصة فريدة وقيمة للعراق لتقدم جدول أعماله وقدراته في مجال الأمن السيبراني، والاستفادة من ثروة المعرفة والمهارات والموارد للمجتمع العالمي للأمن السيبراني، من خلال المشاركة في “بلاك هات”، ويمكن للعراق تعزيز أمنه واقتصاده واستقراره، ويصبح لاعباً أكثر نشاطا ومسؤولية في الفضاء السيبراني، ونحن على ثقة بالعراقي عندما يدخل اي مجال يبدع به ويحرز المراكز المتقدمة فيه وعليه نطمح بأن يتم إعداد فريق منبثق من المؤسسات الحكومية لخوض هذه التجربة لتعزيز مكانة العراق الرقمية وسط الدول المتقدمة تكنلوجياً.