القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
ان التطور العلمي والتكنولوجي يلقي بظلاله على المجتمعات كافة، ويتناسب طردياً مع تنامي القوانين التي تعالج تأثير هذا التطور على الحياة بصورة عامة وهذا القرن شهد ولادة التقنية الرقمية تمثل نسبة إلى تمثيل نظامها الثنائي وأصبحت كل معلومة أو بيان يمكن ترميزه بمجموعة من الأصفار والآحاد.
ورافق هذا التطور مناطق رمادية لم تستطع المنظومة القانونية الوطنية مواكبة هذا التطور، إلا بعد مدة غير قليلة لاستحداث مفاهيم قانونية جديدة، من حيث النص والتجريم لظهور أدوات ومحلات للتجريم لم تألفها البشرية في وقت سابق وبصورة عامة ان دراسة حماية المعلومات تتجسد في ثلاث محاور رئيسية.
أولها حماية المعلومات ذات القيمة المالية أو التي تمثل أصولاً مالية وهي من أنماط الجرائم المستحدثة والتي تعتمد الحاسوب وسيلة أو هدف أو بيئة للجريمة وثاني هذه المحاور هو حماية البرمجيات من مخاطر القرصنة كالنسخ غير المصرح به، والتقليد وهو يقع ضمن الملكية الفكرية إما المحور الثالث فهو حماية البيانات الشخصية المخزونة في نظم المعلومات من مخاطر المعالجة الالية وهو ما يقع ضمن محور حقوق الانسان.
ان أنواع البيانات الشخصية قد تطورت بشكل ملحوظ فقد اتسعت من مجرد البيانات الاسمية التي ترتبط بالشخص بصورة مباشرة إلى مدى أوسع مع التطور التكنولوجي الهائل الذي شهدته البشرية الناتج عن اختراع التقنية الرقمية حتى ان هذا العصر سمي بالعصر الرقمي ويمكن إجمال البيانات ذات الطابع الشخصي إلى البيانات الاجتماعية من المنظور الاجتماعي مثل الاسم واللقب والأسرة واسم الشهرة أو الاسم المستعار والموطن والسن والحالة الاجتماعية والبيانات الصحية والبيانات المالية وبيانات الأدلة الجنائية والبيانات المهنية والبيانات التعليمية والبيانات التقنية والبيانات البيومترية.
وفي مجال تكنولوجيا المعلومات يجب التمييز بين البيانات والمعلومات حيث ان البيانات هي المادة الخام المسجلة كرموز أو أرقام أو جمل أو عبارات يمكن للإنسان تفسيرها أو تعليلها إما المعلومات هي نتيجة تجهيز البيانات مثل النقل أو الاختيار أو التحليل إما في المجال القانوني فقد تم التعامل مع المصطلحين على ان لهما المعنى ذاته وان أهمية البيانات الشخصية تتنوع وتزداد باستمرار التقدم المتسارع في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من حيث التطور التقني في صناعة الحاسبات لتلبية متطلبات البرمجيات المستمرة بالتقدم.
ان الحق في حماية البيانات الشخصية هو مفهوم خاص من مفهوم عام هو الحق بالخصوصية أو صورة من صوره ويعد إساءة استخدام البيانات ذات الطابع الشخصي انتهاكا لحقوق الانسان وحرياته الأساسية وهو من الحقوق المعترف بها على المستوى الوطني وان الحق بحماية البيانات ذات الطابع الشخصي ليس حقا مطلقا في كل الأحوال بل ترد عليه بعض القيود كالنظام العام والمصلحة العامة وحماية حقوق وحريات الآخرين.
وان هذه القيود العامة والواسعة قد تشكل خطرا على حماية هذا الحق ضد الانتهاك والتدخل غير المشروع ونجد من الضروري توفير الحماية القانونية للبيانات الشخصية من خلال تشريع قانون حماية البيانات الشخصية حيث أصبحت البيانات الشخصية ذات أهمية كبيرة و متزايدة في العصر الرقمي.
لذا ينبغي على النظم القانونية الموازنة بين حماية خصوصية حق الإفراد كحق من حقوق الانسان من جهة والحق بالحصول على المعلومات، وعدم تقييد استخدام هذا النوع من البيانات لما لها من أهمية بالغة في تطور البشرية في شتى المجالات بالإضافة إلى القيمة الاقتصادية لاستخدام البيانات ذات الطابع الشخصي من جهة أخرى، وان حماية البيانات ذات الطابع الشخصي أصبح من الحقوق المعترف بها على المستوى الوطني، عبر تنظيم حمايتها دستورياً وقانونياً.