حاوره: قاسم موزان
نُشرت في جريدة “الصباح” بالعدد 5323 في 29/1/2022
قال استاذ الاعلام بجامعة بغداد، ومدير منصة التواصل الرقمي، الدكتور صفد حسام الشمري، ان الاستخدامات الرقمية قد غيرت من اطر قطاعات الاعمال والمهن والحرف، لانها تطلّبت آليات وقواعد ومهارات تتوافق مع دواعي الاستخدام، ورداً عن سؤال لصفحة “الأسرة والمجتمع” بشأن “الحارس الرقمي”، أوضح الشمري انه مشروع تطبيق رقمي تقدمنا به الى هيئة الاعلام والاتصالات، بوصفه آلية اجرائية جديدة، يمكن ان تكون فاعلة بمواجهة الابتزاز الالكتروني، جاء هذا وغيره في سياق الحوار الآتي:
ما هو معنى الإعلام الرقمي وتصنيفاته؟
ينوه الإعلام الرقمي في ابسط دلالاته إلى القيام بالوظائف الإعلامية في عبر الأوعية الرقمية المتعددة، وتكون عائدية مضامين تلك الأوعية إلى مؤسسة إعلامية تقليدية معروفة ومعرّفة للجمهور، كقناة تلفزيونية، او اذاعة أو صحيفة ورقية، تعتمد الاساليب والمناهج الصحفية المعروفة سياقاً عملياً لها، عن طريق مواقعها الإلكترونية أو صفحاتها أو قنواتها أو حساباتها عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وقد تكون مثل تلك المؤسسات افتراضية، لاسيما مع الوسائل الإعلامية الرقمية غير العريقة، فتكون عبارة عن مواقع إلكترونية وتطبيقات رقمية تقدم الخدمات الإعلامية المرئية والنصية والصوتية، ومنها قنوات البث الفضائي التي تعتمد تقنية (IPTV)، واذاعات الديجيتال التي تبث عن طريق تلك التقنية أو باستخدام المواقع الإلكترونية، والصحف الإلكترونية، وغيرها.
هل اختزل الإعلام الرقمي الأطر التقليدية في المراسلات؟
غيرت الاستخدامات الرقمية من اطر قطاعات الاعمال والمهن والحرف كلها، لانها تطلبت آليات وقواعد ومهارات تتوافق مع دواعي هذا الاستخدام، الذي اختلفت معه عادات التلقي بالمجمل، وتطلبت نماذج جديدة للتعاطي مع الواقع الجديد، وقد شكل هذا التغيير تحدياً خطيراً لاغلب الصحافيين الكبار، الذين واجهت الكثير منهم تحديات تتعلق بضرورات اعادة تكييف البناء الفني للنصوص الصحافية على وفق متطلبات الاوعية الرقمية، ناهيك عن تعددية المصادر، ومنها تلك المعلومات التي يمكن الحصول عنها عن طريق محركات البحث، وما نتج عنها من عوائد هددت صدقية المعلومات ذاتها ودرجة الموثيقية بها من قبل المستخدمين المتلقين، نتاج هذه الإتاحة العشوائية.
ما معنى “الحارس الرقمي”؟
مشروع تطبيق رقمي تقدمنا به إلى هيئة الاعلام والاتصالات في العراق، بوصفه آلية اجرائية جديدة في العراق، يمكن ان تكون فاعلة بمواجهة الابتزاز الإلكتروني، وهو عبارة عن تطبيق فيه مواصفات معينة، يكون متاحاً للمجان لكل المستخدمين، يكون مجالاً مباشراً وآمنا لهم للتواصل مباشرة مع الاجهزة المعنية بمواجهة الابتزاز، يتم من خلاله اشعارها بتعرض المستخدم إلى محاولات الابتزاز، وباعتماد اجراءات معينة تتخذ الاجهزة المعنية ما يلزم، بعد التنسيق معها في خطوة لاحقة، وقد شكلت هيئة الإعلام والاتصالات لجنة تقنية وفنية واجتمعت معنا الاسبوع الماضي، لبحث آليات التطبيق ومتطلبات نجاحه التقنية والفنية، كما يمكن ان يكون هذا التطبيق مرشداً رقمياً خاصاً للمستخدم، يعمل على ارشاده بمتطلبات صيانة الامن الرقمي الشخصي له، وإبلاغه بكل المستجدات التي يمكن ان تشكل تهديداً لاستخدامه الرقمي.
كيف يمكن مواجهة الابتزاز الإلكتروني؟
ان مواجهة الابتزاز الالكتروني تتطلب اعتماد تشريعات وقوانين غير تلك التقليدية التي تتطلب الادلة الجنائية وقرائن الاثبات المادة التي تعتمد مع جرائم الابتزاز التقليدية، ومنها اثبات واقعة الجريمة باستدراج الضحية للمجرم، بهدف تقديم الفدية له، وإلقاء القبض عليه بالجرم المشهود، وهذا ما يصعب تحققه مع الجرائم الالكترونية التي تتطلب اعتماد اليات اخرى، تتوافق ومع متطلبات التطور الرقمي، ومنها ما يرتبط بالدليل الرقمي.
وهذا ما سيهل عمليات الاجهزة الامنية في تقويض تلك الجرائم، وغير من الجرائم الإلكترونية، على الرغم من الجهد الكبير الذي تبذله في مواجهة جرائم الابتزاز الآخذة بالتزايد، ناهيك عن ضرورات التوعية المجتمعية في الاليات التي يعتمدها بعض المستخدمين، التي قد توقعهم ضحايا للابتزاز، وتقبل العرف الاجتماعي والأسري مبررات الضحية في حال اعلانها عن تعرضها للابتزاز، والذي يمثل تحدياً كبيراً للضحايا، بانهم قد يتعرضون الى العقوبة الاسرية او الحرج المجتمعي، فيميلون الى السكوت ومحاولة التراضي مع المجرم المبتز لقاء تنازلات معينة، الامر الذي شجع من ممارسات الابتزاز، ويزيد الامر خطورة حين تنوه الجهات المختصة بان ما لديها من بلاغات جرائم الابتزاز، تشكل نسبته ما لا يزيد على 10% من واقع الابتزاز الإلكتروني الحاصل على ارض الواقع، نتاج تلك التحديات المجتمعية والأسرية والعرفية.
كيف يستطيع المستخدم التنقل عبر الإنترنت؟
في العراق فان مؤشرات عنصر الاتاحة الرقمية قد تكون جيدة بالقياس الى اغلب بدان العالم التي تعتمد بوابات النفاذ الإلكترونية، التي مازالت غير فاعلة لدينا حتى اليوم، ويتوقع ان تبدأ الاجهزة والقطاعات الوطنية الأخذ بها خلال العام الجاري 2022، والحديث عن مساعدة المستخدم في التنقل عبر الانترنت يتطلب مع الحالة العراقية تنمية مهارات المستخدمين في المجال الوظيفي والاستخدام الرشيد للانترنت، اي ان يكون هذ “التنقل” نوعياً اكثر مما هو كمياً، كما يحصل لدينا في العراق، اليوم العشوائية الرقمية العراقية تتطلب التنظيم، وهذا ما سنجده بشكل واضح هذا العام، من خلال الجهود التي نقوم بها بمعية النخبة والفعاليات الرقمية الكبيرة، ناهيك عن مجهودات الجهات المعنية التي ستسفر عن لوائح تنظيم المحتوى الرقمي العراقي التي تتنظر إجازتها قانونياً واجرائياً.
هل قوّض الإعلام الرقمي الإعلام التقليدي؟
بدأ الإعلام التقليدي بالانحسار التدريجي، وأخذ يقولب آلياته باتجاه توظيف تقانات الأوعية الرقمية في تحقيق أهدافه، لاسيما ان دولاً بالمنطقة تتجه لصحافة الذكاء الاصطناعي، أو ما يُعرف بصحافة الجيل السابع، التي ستبتلع الصحافات التقليدية، ومنها مصر والإمارات.