الدكتور صفد الشمري
رئيس مجلس المسار الرقمي العراقي
نُشرت في جريدة “الصباح” بالعدد “5318” في 23/1/2022
يعد تحليل البيانات الرقمية للمواقع الإلكترونية احد أبرز أدوات تحديد دقة المسار الذي تنتهجه المؤسسات في مجتمعاتها، بوصف تلك المواقع أبرز أوعية التواصل مع جموع المستهدفين، وصارت المؤسسات تعتمد نتائج تلك التحليلات على انها قواعد رئيسة لصياغة خطاباتها وتقديم منتجاتها إلى الجمهور، في وقت تقف أغلب المؤسسات العراقية على مسافة واحدة تفيد: بان مثل هذا التحليل يغيب تماماً في قياس مضامين موقعها الإلكترونية وفاعلية أثرها لدى الجمهور!
الاداء الرقمي
يعد التحليل الرقمي من المستلزمات الهامة في اعطاء القائمين على المواقع الإلكترونية تصوراً حقيقياً عن طبيعة الإداء الرقمي، ومدى تمكنهم من تحقيق الأهداف التي يراد الوصول إليها عن طريق موقعهم الإلكتروني، وهو يعتمد على نشاط موقعك على الإنترنت وعلى منافسة المواقع الأخرى وعلى الفئة المستهدفة من الزوار أو الفئة التي تريد أن تستهدفها وذلك لتحسين أداء موقعك على الإنترنت بشكل دائم.
لقد أصبح تحليل البيانات ركيزة أساسية في نجاح الأعمال، فالشركات تستخدمه اليوم لتحصل على رؤية أفضل لتتخذ خيارات صحيحة سواء كان ذلك فيما يتعلق بمنتجاتها، من أبحاث السوق، ومراجعات العملاء، وتحليل الانطباعات، أو بأية مشكلة أخرى قد تعالج بتحليل البيانات، وتكمن أهمية تحليل البيانات بشكل عام في الحصول على معلومات دقيقة لاتخاذ قرارات مستنيرة وفعّالة، وأكثر ذكاءً في مجال العمل، وتساعد في مراقبة أداء المنافسين، وأرقام مبيعاتهم واتجاهات الشراء، وموقع المؤسسة في السوق، وما إلى ذلك لتكون أكثر تنافسية، وتحديد المخاطر المحتملة التي قد تواجه الشركة أو المؤسسة، ويمكن من قياس مستوى رضا العملاء واحتياجاتهم، من أجل التوصل إلى منتجات وخدمات جديدة توفر لهم رضًا أكبر.
التحليل الرقمي
يشير التحليل الرقمي إلى عملية اخضاع المحتوى الالكتروني الى عمليات قياس منهجية، والخروج بنتائج معينة، وهو يقسّم إلى تحليل البيانات النوعية ممن قبيل “نوعية الفئة المستهدفة للزوار من حيث الموقع الجغرافي، وخصائصهم وسماتهم.. وغير ذلك”، وتحليل البيانات الكمية مثل “حساب عدد زوار موقعك لمدة زمنية معينة، أو مع محتويات رقمية محددة”.
لكي تتمكن المؤسسات من التحليل السليم يجب أن تكون واضحة في أهداها لتبدأ بتحديدها بشكل عام ثم تقسمها إلى أهداف فرعية تعمل على تحقيقها بشكل تسلسلي “خطوة بخطوة”، ومن هنا يتوجب على القائم بالتحليل معرفة انواع المواقع الإلكترونية من الناحية الوظيفية على مستوى العالم، وتحت أي تصنيف يقع الموقع الذي يراد تحليله، ومواقع تَختص بالتجارة الإلكترونية، يكون الهدف منها بيع المنتجات أو الخدمات، “مثلAmazon أو Click Bank“.
ومواقع إنشاء قوائم العملاء المحتملين، الرامية إلى جمع المعلومات عن المستخدمين من الزوار وتقديمها لموظفي المبيعات ليتواصلوا مع العملاء المحتملين، ومنها المواقع التي تَعرض استبيانات مطلوب تعبئتها أو التصويت لحدث معين، ومواقع ناشري المحتوى، التي تشجع المستخدمين على مشاركة محتويات الموقع فيما بينهم وتكرار الزيارات إليه، منها المدونات.
وهناك المواقع المعلوماتية، أو ما يطلق عليها بمواقع الدعم عبر الإنترنت، تهدف إلى مساعدة المستخدمين في العثور على المعلومات التي يحتاجونها في الوقت المناسب هي الأهمية القصوى لهم، مثل المواقع الإخبارية، إلى جانب مواقع الشركات والمؤسسات التي لديها العلامات التجارية، تهدف إلى زيادة الوعي والجذب لهذه المؤسسة.
خصائص مجانية
في عالم السوق الرقمية، ينبغي على القائمين على المواقع الإلكترونية في المؤسسات العراقية الوقوف على حقيقة تجمع عليها الدراسات، بان “من أهم السمات التي تميز التسويق الإلكتروني عن التسويق التقليدي هو القياس، وهو جمع وتحليل البيانات ذات العلاقة بالنشاط التسويقي في الإنترنت ومن ثم قياس الأداء وربطه مع الأهداف والتعرف على الفرص التي من شأنها أن تساعد في تحسين الأداء التسويقي، وان الاهتمام بالتحليل الرقمي يعكس الوعي لدى القائمين بأمر التسويق الرقمي”.
فضلاً عن ذلك: “ويرسم هذا العمل صورة واضحة أمام المسؤولين من حيث تطور العمل الرقمي، ونقاط القوة والضعف، وأداء المنافسين وجوانب قوتهم وضعفهم مما يساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة وبالتالي إجراء عمليات التحسين المستمر، لاسيما ان معظم أدوات التحليل الرقمي متاحة بشكل مجاني، وان عملية التحليل الرقمي هي في حد ذاتها مؤشرات أداء KPIs ممتازة لتضع خارطة طريق واضحة لمسؤولي التسويق، لكنها في الوقت نفسه تصبح مجرد أرقام إن لم يتم توظيفها وتطبيق مخرجاتها”.
ويقدم الانترنت مساحات كبيرة للتحليل الرقمي، على شكل خدمات تمتاز بعدد من الخصائص التي تعين على القيام بعملية التحليل الرقمي بسهولة ووضوح ودقة، والتي منها “Google Analytics“، وهي الخاصية الأهم على الاطلاق فيما يتعلق بالتحاليل والأدوات التي توفرها، والكم الهائل من التقارير التي تقدمها مثل: المستخدمين الذين زاروا الموقع خلال فترة محددة، وكم هي المدة التي بقي فيها هؤلاء الزوار في الموقع، وما هي الصفحات التي زاروها، ومتوسط الوقت الذي قضوه في كل صفحة، وعدد الذين زاروا الموقع وخرجوا منه بسرعة دون أن يتفاعلوا أو يتخذوا اجراءً محدداً، ومن هم جمهور الزوار وصفاتهم وأعمارهم واهتماماتهم، وأماكن وجودهم، والأجهزة التي استخدموها حين زيارة الموقع، ومن أين جاءت زياراتهم، هل دخلوا للموقع بشكل مباشر أم تم احالتهم من مواقع أخرى.
ويوفر معلومات وافية عن المبيعات وأداء المنتجات خلال فترات محددة وتطور هذا الأداء عبر الوقت وذلك من خلال توفير رسوم بيانية متطورة، وهناك “Google Search Console“، التي توفر العديد من التقارير المهمة مثل: تقرير الأداء العام ، تقرير تغطية الجوال وتقرير عن الروابط الداخلية والخارجية، وخاصية “Google Search Console“، المساعدة في ادارة التواجد بشكل فعال على محركات البحث من خلال توفير عدداً كبيراً من الخصائص والتقارير التي تشمل على سبيل المثال تتبع الكلمات الرئيسية ، وتتبع عدد مرات النقرات والظهور، ومعرفة مكان ظهور صفحات الموقع على محرك البحث.
وتوجد خاصية “كوكل ترند” التي تساعد بشكل كبير في التعريف بأكثر الكلمات بحثاً، وما يتم البحث عنه في منطقة معينة وفي أوقات محددة، وكذلك توفر هذه الخاصية مقارنات بين كلمات رئيسية بعينها خلال فترات محددة يحددها المحلل، ومخطط الكلمات الرئيسة، الذي يمنح المؤشرات عن عدد مرات البحث عن الكلمات الرئيسية المستهدفة خلال مدة زمنية محدودة، إلى جانب خاصية Google Page Insigh“، تعطي معلومات واضحة عن سرعة الموقع أو المتجر إذ ان هناك مواقع تتسم بالبطء الشديد وهذا يؤثر على عزوف الزوار عن الدخول في الموقع أو البقاء فيه لفترة طويلة، وتقوم هذه الأداة بتحليل كافة صفحات الموقع والتعرف على الصفحات أو المحتوى الذي يجلب البطء للموقع، وخاصية “ Mobile Friendly Tes”، ذات العلاقة بتصميم مواقع بشكل متوافق كلياً مع أجهزة الجوال والتاب، لاسيما ان الزيارات تتم من خلال أجهزة الهاتف الجوال.
إلى جانب خاصية “YouTube Analytic“، المعنية بتحليل قنوات يوتيوب من حيث عدد المشاهدات، وتقارير المحتوي الذي جذب اهتمام المشاهدين، وتقارير الجمهور وغيرها من التحليلات الأخرى، و”Facebook Page Insights“، التي توفر تحليلات صفحات “فيسبوك”، من حيث الاعجاب والوصول والمشاهدات والأشخاص والرسائل وكل ما يتعلق باستخدام الزوار للصفحة وسلوكهم داخلها.
التحليل العراقي
يمكن للمؤسسات العراقية اعتماد أدوات تحليل البيانات الرقمية التقليدية، ان لم تكن لها قدرة التعامل مع الشركات المختصة بمثل هذا التحليل، بتصنيف بياناتها إلى شرائح، وفقاً لمحوري التأريخ والتوقيت، لمقارنة السلوك المختلف للزوّار الذين يزورون موقعك في أيام معينة من الأسبوع أو ساعات معينة من اليوم، وتحديد الجهاز المستخدم، لمقارنة أداء الزوّار على أجهزة الحاسوب المكتبية واللوحية والذكية، ومعرفة قناة التسويق، لمقارنة الاختلاف في أداء الأنشطة التسويق المتنوعة، وتحديد الموقع الجغرافي، لتمييز البلدان أو المناطق أو المدن لأفضل أداء، ومن ثم توصيف سمات العملاء، مثل عملاء دائمي الزيارة مقابل عملاء أصحاب الزيارة الأولى على الموقع الإلكتروني، للمساعدة في فهم الأشياء التي تجذب عملاء الذين يتسمون بالتواصل المستمر.