مازن الشمري
نائب رئيس مركز حلول للدراسات المستقبلية
أطلق المنتدى الرقمي مساره لعام 2022، في مبادرة لتعزيز الواقع الرقمي في العراق، هذا الامل في ردم الفجوة المعرفية لاسيما الحكومة الالكترونية لعراق الغد القريب الذي تتجسد اول معالمه في بوابات النفاذ الدولي التي تحدد الامن السيببراني، ولابد من الاعتراف ان هذه الفجوة تتسع يوميا من خلال التقدم العلمي الواسع في تطبيقات منصات التعامل الحكومي مع الافراد وأيضا في المعاملات التجارية تتسع يوما بعد اخر، فيما مازال العراق يتوقف عند حافة الشاطئ، بانتظار الإبحار في هذا العالم الافتراضي الذي بات يسير الحياة اليومية لدول مجاورة للعراق.
واذا كان الإعلان عن هذه المبادرة النوعية بوابة افتتاح مطلوبة فهناك الكثير من الطموحات والآمال المنشودة عراقيا لعل ارزها الاتي:
أولاً: كثير الحديث عن بناء القدرات الحكومية لتحويل معاملاتها الى النظام الرقمي، وهناك اتفاقات دولية تحكم العراق في هذا السياق لحوكمة اليكترونية مطلوبة تعزز واقع استقبال الاستثمار الأجنبي من خلال بوابة نفاذ حكومية واحدة، وتطبيق معايير أنشطة الاعمال الدولية “doing business” البوابة المطلوب طرقها لتمكين اهداف التنمية المستدامة وطنيا، هذه من ابرز مهمات المنتدى الرقمي في جهوده لرقمنة النشاطات الإدارية والمالية في عراق الغد.
ثانياً: يبقى الامن السيبراني من ابرز مقومات النهوض الرقمي في حكومة اليكترونية، ولا يكون ذلك من دون امتلاك بوابات نفاذ دولية محددة وطنيا وهناك جهود بذلت ليكون (IQ) المصدر الأساس لتكوين الحدود الوطنية في هذا التحول الدولي المنشود لكن حتى الموقع الذي أسس من قبل وزارة العلوم والتكنولوجيا في حينه ما زال قاصرا عن الاتيان بتلك الحدود الرقمية لبوابات النفوذ الوطنية ، مما يتطلب جهودا اكبر في تعزيز الامن السيبراني في هذا المجال تحديدا.
ثالثاً: يبدأ التراكم الرقمي في منح كل مواطن رقم وطني، واستكمال اصدار الهوية الشخصية الموحدة لكل العراقيين حاجة ملحة من دونها لا يمكن التفاعل مع الواقع الرقمي المنشود في حكومة اليكترونية، يكون فيها مصدر معلومات جميع أجهزة الدولية الأمنية والمصرفية والعقارية والصحية ذات الرقم الوطني المثبت في هوية الأحوال الشخصية الموحدة، وعدم الانتهاء من هذا المشروع الذي بدأ من عقدين واكثر حتى اليوم وقد قطع اشواطا كثيرة في التقدم، لكنه ما زال غير متكاملا في الانتهاء من توحيد الهوية الرقمية لكل مواطن عراقي وفي تعامل كل أجهزة الدولة مع الرقم الوطني كهوية اثبات شخصية في شتى مناحي الحياة الإدارية التي تختصر مراجعة المواطن لكافة الأجهزة الخدمية ذات العلاقة.
رابعاً: لعل التعاملات المالية لاسيما المصرفية تتطلب نهضة تواكب العصرنة الرقمية فمعرفة العميل المصرفي لا تكون عبر معاملات ورقية من خلال السجلات الرقمية، وفي ذلك ميدان واسع يمكن للمنتدى الرقمي الخوض فيه لتحويل المعاملات المصرفية الى النظام الالكتروني بما يعزز الشفافية المالية ويكشف الفساد الإداري والمالي بمحددات رقمية لها معايير دولية معروفة.
خامساً: ان ترعى الجهات ذات العلاقة حكومية كانت ام من القطاع الخاص المبادرات الشبابية في تكوين منصات رقمية عصرية ذات مردود اقتصادي كانت بدايتها الموقفة في نماذج مثل “السوق المفتوح” ولا يمكن ان تتوقف عند هذا النموذج لتعبر مخاوف المخاطر السيبرانية الى تطبيقات اكثر كفاءة واكبر في مردوداتها الاقتصادية تتمثل في التجارة الالكترونية، وهذا يستدعي رعاية متخصصة.
سادساً: كل ذلك يتطلب شيوع الثقافة الرقمية مجتمعيا، فواقع الحال اليوم ان استخدام هذه التطبيقات المتوفرة في وسائل التواصل الاجتماعي منفلتة من معايير التزييف العميق من جانب والرقابة الابوية من جانب اخر، حتى أصبحت العائلة لا تعرف ما يطالع الابن والبنت على هذه الوسائل وكيف يتم توظيفها للابتزاز الالكتروني او الوقوع في حبائل التضليل الإرهابي، وأيضا تبقى مسالة تعزيز هذه الثقافة من أولى مباني هذا المنتدى.
كلما تقدم يقع في تشخيص الطموحات والآمال، لكن الخطوة الجريئة التي افصح عنها الإعلان عن هذا المنتدى الذي يضم شخصيات عراقية متخصصة وتلك الوعود التي قطعت خلال اعمال مؤتمره الأول من قبل شخصيات في هيئة الاعلام والاتصال ناهيك عن بقية الجهات ذات العلاقة، يمكن ان تغادر موقع الترويج من خلال العلاقات العامة الى واقع التطبيق العملي… ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!