القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
تعد تكنولوجيا تقنية المعلومات الحديثة نظاماً نشأ من اندماج نظم المعلومات بنظم الاتصال وما نتج عنها من شبكات، واصبحت حماية البيانات الشخصية على الانترنت من أهم الحقوق الفردية للمستخدمين، للحفاظ على الخصوصية، والبيانات الشخصية: هي جميع المعلومات المتعلقة بالشخص، سواء كانت متعلقة بالحياة الخاصة، او المهنية ضمن بيئة الإنترنت، وان الحماية القانونية لحرمة الحياة الخاصة، في عصر تقنية المعلومات الحديثة شهدت تطوراً كبيراً في نطاقها.
ومن ثم اصبح من الضروري توفير الحماية القانونية لحرمة الحياة الخاصة، من صور الاعتداء التي تمس البيانات الشخصية للأفراد، ولابد من تحديد ما هي المعلومات والبيانات الشخصية التي تعرض خصوصية الافراد للانتهاك، وذلك في نطاق مجتمع المعلومات الإلكترونية، فقد تكون تلك البيانات موضوعية، مثل الاسم والموطن والحالة المدنية او الوظيفة فهي مميزات شخصية، وقد تكون المعلومات ذاتية تحمل رأياً ذاتياً عن الغير، والمعلومات الموضوعية والذاتية في الغالب تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد.
وتعرف البيانات الاسمية بانها البيانات الشخصية التي تتعلق بحرمة الحياة الخاصة للشخص, كالبيانات الخاصة بحالته الصحية والمالية والوظيفية والمهنية والعائلية, عندما تكون البيانات محلاً للمعالجة الإلكترونية, وتبرز خطورة وسائل تقنية المعلومات الحديثة على حرمة الحياة الخاصة، عند جمع وتخزين البيانات الاسمية وتشغيلها وعند استخراج هذه المعلومات من ذاكرة النظام، وايصالها الى الغير، أيا كانت هيئة حكومية او غير حكومية ام شخصا طبيعياً.
ومن ثم تقع جريمة الخزين غير المشروع للبيانات الشخصية، وان صفة عدم المشروعية التي تلحق بأفعال التخزين للبيانات الشخصية، فقد يكون مصدرها اساليب الحصول على البيانات الشخصية، او مضمون وطبيعة هذه البيانات، وان الركن المادي لهذه الجريمة يتمثل بالحفظ والتخزين للبيانات الشخصية على نحو غير مشروع، اما بانتهاج احدى الوسائل او الطرق غير المشروعة ذات الطبيعة التقنية، او معالجة بيانات يحظر القانون معالجتها، او لأي سبب من اسباب عدم المشروعية.
وبخصوص جريمة افشاء البيانات الشخصية، فان موضوعها كغيرها من جرائم الاعتداء على البيانات الشخصية، هو البيانات الشخصية المعالجة في الانظمة الرقمية اما الركن المادي لهذه الجريمة فيقوم بإفشاء هذه البيانات او نقلها الى الغير او اخباره بها اما الركن المعنوي لهذه الجريمة فانه يتخذ صورتين القصد والخطأ غير العمدي.
اذ من الممكن افشاء البيانات الشخصية نتيجة الاهمال وعد اتخاذ الحيطة الكافية ومن ثم فان هذه الجريمة قد تقع عمدا بتوافر القصد الجنائي بعنصرية العلم والإرادة، او انها تقع خطا بإهمال او عدم انتباه او عدم احتياط، او بأية صورة اخرى من صور الخطأ، ومن جرائم الاعتداء على البيانات الشخصية جريمة المعالجة الالكترونية للبيانات الشخصية، بمعالجتها في غير الاحوال المرخص بها قانوناً.
وتقع كذلك في الاحوال التي تتم فيها معالجة لبيانات بعد الغاء الترخيص الممنوح بالمعالجة, او عند انتهاء مدته، ومن صور الاعتداء على البيانات الشخصية تجاوز الغرض او الغاية من المعالجة الإلكترونية، حيث يستغل الجاني البيانات الشخصية، في الكشف عن مصادر ثروة صاحب البيانات الشخصية، او معرفة مركزه المالي، او شأن له صله بحياته الخاصة.
وبالرغم من امكانية تطبيق نصوص قانون العقوبات التقليدية على بعض الجرائم الماسة بحرمة الحياة الخاصة، إلا ان هناك جرائماً تتطلب نصوص قانونية جديدة، لتحكم السلوك الاجرامي المكون لها، وان بعض الجرائم التي تستهدف البيانات الشخصية المعالجة الالكترونية تتطلب معالجة قانونية خاصة، وان يعمد المشرع على تحقيق تكامل بين الحماية الفنية وبين الحماية القانونية لها من خلال نصوص القانون.