د. منى تركي شمخي
عضو فريق التفاوض الرقمي
المسار الرقمي العراقي
أسهمت وسائل الإعلام والسياحة والتجارة في تقريب البشر من بعضهم وساهمت في خلق شعور جديد بأخوية الجنس البشري، لكن هذا القرب اثار الخلافات والتعصب “بتعبير اخر”، لم نتمكن من التكيف لتقارب الذهني والأخلاقي الجديد، على خلاف ما يجري الآن من محاولة نشر المحتوى “الهابط” الذي يدفع الى زوال العادات والتقاليد والأفكار وانسلاخ الثقافات ما يجري على الجيل الجديد من الأخلاقيات بأبسط صورها “احترام الذات” الإنسانية (الذات الإلهية).
هذا ما يجرد الانسان حتى من ابسط حقوق العيش الرغيد، ما جعل تلك المسارات مباحة سهلة التقليد والتطبيع تضفي عليها صيغة (هذا ما يجري على ارض الواقع) وما جعل صعوبة الاعتراض والتصحيح والشكوى وإمكانية المعاقبة ما جعلت هذه المسارات إعادة تشكيل المجتمع بصيغة أو هيئة جديدة (من صنع المحتوى الرقمي) ويمتلك عادات وتقاليد البيئة الرقمية.
فاصبح المجتمع بعيداً عن رقابة الاسرة وعاداتها وتقاليدها مع اندماج ذلك المحتوى الرقمي بطابع نشأة الافراد وتشكيل ثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم بعيدا عما يجري في بيئتهم الواقعية مكونين جيل من انتاج وإخراج صناع المحتوى الذي قد يصبح مجتمع مفكك ومضطرب أخلاقيا وفكريا واجتماعيا وصحيا قد تطبع (بنظام المحتوى الرقمي) الذي جاز له متابعته والانتهال مما زخر عليه من مضامين شتت الانسان وغيرت وجهته وشكلت له مسارات جديدة خيلت له السيء جيد وكل ما محجم او محضور صار امراً ميسوراً والعادات والتقاليد والثقافة تعصباً ثقافياً وفكرياً.
وبات تعدد الأفكار بموجب هذا تعصباً فكرياً، ففي بداية هذه المحتويات الهابط او المتدنية لم يكن لها تأثير اجتماعي سيء أو أنها في الوهلة الأولى لم تكن لها أنتجت للإساءة للمجتمع لكن بعد انتشار وصعود متابعيها وأنتشار انتاجها مما شكل اثاراً اجتماعية سيئة ملحوظة في داخل الأسرة والشارع والمدرسة والجامعة وأطلاقا من المؤسسة الاسرية إلى المؤسسة التعليمية وأصبح من الصعب تقويضها أو الحد منها ومواجهتها ومعالجتها كونها أصبحت أسلوب عمل بديل في أغلب المواقف والسلوكيات لمواجهة المواقف المختلفة في المؤسسات المذكورة سابقا وينتقل هذا الأسلوب من الاعتداء اللفظي بين افراد المجتمع إلى الاعتداء الجسدي.
ويكمن معالج هذه الإشكاليات التي انجبتها هذه البيئة بعدة مقترحات منها وضع الرقابة على محتوى المواقع التواصل الاجتماعي (الداخل الوافد)، ووضع شروط ومحددات للمحتوى الترفيهي، دعم محتويات الجدوى الاجتماعية، وضع إشارات على المحتوى الملوث فكرياً، وتصميم البرامج التعليمية الترفيهية للأطفال في سن الابتدائية بما في ذلك تعليم اللغة العربية الفصحى والإنكليزية، وتدعيم المحتوى التعلمي لكافة المراحل الدراسية وتوفير الدعم له من قبل الجهات المختصة، ودعم المحتوى الابتكاري، ومحتوى الفنون والابداع، محتوى تعليم اللغة، وحضر المحتوى الطائفي، التشجيع على دعم وإطلاق مبادرة تدريس مادة التربية الرقمية.
فضلاً عن تشريع قوانين الخصوصية والنشر وجرائم المعلومات على شبكة الانترنت في وسائل الإعلام والمحتوى الشخصي في العراق، طرح المحتوى المعالج للقضايا والمشكلات الاجتماعية، وضع آلية تحفيزية لدعم محتويات الجدوى الاجتماعية على مدار السنة من قبل الجهات المعينة، ودعم المحتوى الترفيهي الملتزم، بالتعريف بالمواقع الاثرية والتراثية والحضارية.