الدكتور صفد الشمري
رئيس مجلس المسار الرقمي العراقي
هل تعلم: انه يمكن ان يجري رصد نشاطاتك الإلكترونية، في حساباتك عبر فيسبوك وتيك توك ويوتيوب وانستغرام وتويتر وتليغرام وبقية أخواتهن.. وحتى تحركاتك اليومية، خطوة بخطوة، متى ذهبت وأين جلست عبر “GPS” الخاص بك، وابحارك اليومي في محركات البحث، وان “خدمة” بسيطة لم تلفت انتباهك حتى لحظة القراءة هذه، يمكن الوصول عن طريقها إلى جميع تلك الحسابات، على الرغم من تأمينك إياها برموز مرور قوية، ومصادقات ثنائية وثلاثية وأرقام هواتف ساندة وأجهزة موثوقة.. وقناعتك بانك أتممت كل شروط الأمان..؟
الكثير من المستخدمين ممن يقصدون شراء الهواتف والألواح الذكية الجديدة، يطلبون من أصحاب متاجر بيع تلك الاجهزة بتنزيل مجموعة من التطبيقات الرئيسة، وهذه الحال تنطبق تماماً، مع “فرمتة” تلك الأجهزة، على أمل قيامهم فيما بعد بإعادة فتح حساباتهم بكلمات مرور يحددوها هم بأنفسهم، وتجدهم يعتقدون ان وضعهم لتلك الكلمات هي النهاية الموفقة لحماية نشاطاتهم الإلكترونية.
كما يمكن ان تكون تلك “الخدمة” قائمة مع تسلمهم لجهاز مفعّل بجميع التطبيقات على سبيل الإهداء أو الإعارة المؤقتة، أو انهم يطلبون من اصدقاء لهم بإنزال إحدى تلك التطبيقات عبر حساب إلكتروني جامع يعود لأولئك “الاصدقاء”، اثر نسيان المستخدم المستفيد لبريده الإلكتروني المختص به، أو لكلمة مروره، أو ان عائلة كاملة تربط جميع حساباتها على حساب إلكتروني جامع واحد، وهنا يكون مفتاح الوصول إلى تلك البيانات موجوداً عند صاحب هذا الحساب “السحري”، وعبر خدمة رقمية خبيثة..!
حسابك الجامع في (google) وبريدك الإلكتروني عبر (gmail)، والذي تطلبه منك التطبيقات الرقمية شرطاً لإفادتك من خدماتها اليوم، صار بمنزلة “كشف الحساب” يوثّق جميع نشاطاتك الالكترونية ويقدمها للآخرين هدية بالمجان، ما لم تكن مسيطراً على بريدك بالكامل، وان تعمل على تأمينه بطرائق التحقق المعروفة، والتي تمكنك من استرداده في حيال تم اختراقه، مع التأكيد على قيامك بتحديد جميع تطبيقاتك الفعالة وربطها في هذا الحساب المختص بك انت، وإلا فان نشاطاتك ستكون “مكشوفة”، حتى مع تلك التي كنت قد قمت بحذفها عبر أساليب متعددة، من مكتبات وسجلات تلك التطبيقات، فور فراغك من أي نشاط إلكتروني، إذ يمكن ان يكون لهذا المحذوف عودة أخرى للعيان.
لو سألنا السؤال التالي: كم منا يستعمل البريد الإلكتروني بشكل مستمر، خارج حدود التواصل الرسمي، وكم منا تتملكه القناعة بان تطبيقاته الرقمية التي يتعامل معها مرتبطة ببريد إلكتروني يختص به فقط، وكم منا يتذكر كلمة المرور العائدة لهذا “البريد”، ويمكنه السيطرة بالكامل على إعداداته، من دون ان يتمكن أي شخص آخر من مطالعتها؟.
نعم، البريد الإلكتروني عبر (gmail) صار أشبه بالثغرة، يمكن للآخرين من خلالها مطالعة نشاطاتك الإلكترونية، وحتى وان قمت بحذفها بشكل دوري من سجلات الأرشفة ومكتبات التنزيل التابعة للتطبيقات نفسها، فان هناك نسخة من النشاط سترسل مباشرة إلى سجل النشاطات في البريد الإلكتروني، أي ان استخدام أي تطبيق يعود لبريد إلكتروني لا يعود للمستخدم نفسه، أو انه يستخدم بالمشاركة مع أطراف آخرين، يمكنه من مطالعته عن بعد، وهو في مكانه، ومن دون درايتك..!
البريد الإلكتروني في حسابك الجامع صار “عنق الزجاجة” التي لا يوليها أغلب المستخدمين العناية المطلوبة، وينزلوه في مرتبة متأخرة من اهتماماتهم، يمكن ان يكون “وعاء المرور المجاني” إلى نشاطاتك الرقمية من قبل الغير، كما ان وقوع جهازك المحمول او اللوح الذكي بيد مستخدم آخر يمكنه كذلك مطالعة جميع نشاطاتك السابقة، وحتى المحذوفة منها كما اسلفنا، عن طريق بوابة الدخول نفسها، بمجرد ان يدخل إلى محرك البحث في (google) من جوالك أنت، بمجرد الولوج الى خدمة النسخ الاحتياطي، التي وفرها لك (google) نفسه وأنت لا تعلم.. وتوقع حجم المصيبة..!
لكن.. ما خريطة الحل، وهل من وصفة رقمية؟.. نضع امام المستخدمين خريطة طريق مواجهة تلك المشكلة، بان تعمل على إعادة ضبط تطبيقاتك بالكامل بحساب جامع جديد يختص بك وحدك على (google)، وان تعمل على تأمين هذا الحساب، بأكثر من رقم هاتف يعود إليك وحدك، وبريد إلكتروني ثانٍ، يمكنك بوساطته استرداد حسابك فيما لو تم اختراقه، او انك فقدت جهازك المحمول، وتريد إعادة السيطرة على تطبيقاتك، فضلاً عن تأمينه بجهاز رقمي موثوق به، إلى جانبك قيامك بحذف نشاطاتك بشكل يومي من هذا الحساب، الذي قد تستخدم عليه أكثر من جهاز أو حاسوب، تعود كلها إليك، لكن بحساب واحد.
وتبدأ الخطوة الأولى بمراجعة “إدارة حسابك الجامع” على (accounts.google.com)، وإذا لم تتمكن من الاستدلال إليه، فانك تقصد محرك البحث في (google)، وتبدأ بعملية البحث عن “نشاطي”، في عبارة (my activity)، والدخول الى الرابط الاول في نتائج البحث، الذي سيطلب منك بريدك الإلكتروني في (gmail)، ورمز مروره، وستجد ان جميع نشاطات السابقة موثقة منذ بداياته عبر روابط فرعية، مثبتة فيها مواعيد زياراتك السابقة، ولجميع التطبيقات الفاعلة لديك،وهي الطريقة ذاتها التي ستساعدك في مراقبة نشاط اطفالك في حال تم ربطهم بحساب يعود إليك، وتقوم بعدها على اختيار ايقونة “حذف النشاط”، والذي سيحدد أماك مجموعة خيارات، نحبذ ان تتوجه إلى خياري “جميع الأوقات”، و”جميع المنتجات” ومن بعدها تعمل على حذف النشاط بالمجمل، وننصحك بان تكون تلك الخطوات يومية، حماية لك، ولجميع نشاطاتك..!