جريدة الصباح: ذو الفقار يوسف
يشير رئيس مؤسسة بغداد للتواصل والإعلام الرقمي، الدكتور صفد الشمري، إلى أن واقع الذكاء الاصطناعي في العراق لا يزال في مراحله الأولى مقارنة بالدول المجاورة، مثل الإمارات والسعودية وقطر، التي تبنت استراتيجيات وطنية متقدمة في هذا المجال، فبينما تشهد تلك الدول انتقالاً واضحاً نحو الاقتصاد المعرفي، يستمر العراق بالسير بخطوات بطيئة ومحدودة، وغالباً ما تكون المبادرات فردية أو أكاديمية أكثر منها مؤسسية، ومع ذلك يمكن ملاحظة وعي متزايد لدى فئة الشباب والمؤسسات الأكاديمية بأهمية هذا التحول، وهو مؤشر إيجابي لبناء قاعدة مستقبلية واعدة.
ويضيف الشمري لـ”الصباح” أن “التأخر في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لا يعود إلى ضعف القدرات البشرية، بقدر ما يرتبط بعوامل هيكلية، تتعلق بغياب الرؤية الوطنية الشاملة، وضعف الاستثمار في البحث العلمي، وغياب البيئة الداعمة للابتكار، بينما التركيز الحكومي لا يزال موجهاً نحو الملفات الخدمية التقليدية والأمنية أكثر من بناء الاقتصاد الرقمي، مما يجعل التحول نحو الذكاء الاصطناعي أقل أولوية على المستوى الوطني”.
الشمري وضع ضعف البنية التحتية واحداً من أهم التحديات، لكنه ليس السبب الوحيد، فحتى في ظل وجود البنية التحتية المحدودة يمكن بناء تطبيقات أو حلول محلية مبتكرة.
ويشير إلى أن “مشاريع الذكاء الاصطناعي تعتمد على معالجة البيانات الضخمة وتخزينها في بيئات آمنة وسريعة الوصول، وفي ظل ضعف الإنترنت وندرة مراكز البيانات المحلية، يضطر المبرمجون للاعتماد على خدمات خارجية مكلفة، ما يعيق تطوير المشاريع الوطنية المستقلة، ويجعل تحسين البنية الرقمية خطوة أولى نحو منظومة وطنية متكاملة للذكاء الاصطناعي”.

ويردف الشمري أن “الجامعات العراقية بدأت تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي كمسار أكاديمي واستراتيجي، لكن المناهج لا تزال بحاجة لتطوير أكبر، وهناك محاولات جادة من بعض الكليات والأقسام العلمية لتحديث برامجها وإدخال مفاهيم الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والتعلم العميق، بما في ذلك إنشاء كلية الذكاء الاصطناعي في جامعة بغداد، لكنه يؤكد الحاجة لتطوير المناهج وربطها بمشاريع تطبيقية، إلى جانب التعاون الدولي الذي يتيح للطلبة الانخراط في بيئة بحثية حقيقية”.
المنطقة الرماديَّة
ينوه الشمري إلى فجوة واضحة في التدريب العملي والتأهيل التقني، فبينما يمتلك العراق طاقات شابة مبدعة، تفتقر أغلبها إلى فرص التدريب المتخصص أو الدعم المؤسسي، ورغم وجود مبادرات أهلية ومنظمات مجتمع مدني تنظم دورات، إلا أنها محدودة التأثير ما لم تُدمج في إطار وطني شامل لبناء جيل من المبرمجين والمبتكرين.
يقول الشمري: إن “وجود استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وفريق لمتابعتها، مع عدد من المحاولات المتفرقة من بعض الوزارات والجامعات، لكن غياب الإطار التنسيقي يحد من نجاحها، وهو ما يبرز الحاجة لدعم الإستراتيجية الوطنية، وتحديد الأهداف والمجالات ذات الأولوية، والسياسات الداعمة للبحث العلمي والابتكار، على غرار ما فعلته دول المنطقة”، مبينا أن “القطاع الحكومي يمكن أن يكون محركاً أساسياً عبر تشجيع الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وتوفير بيئة تشريعية محفزة، وحماية الملكية الفكرية الرقمية، وتسهيل تسجيل الشركات الناشئة، وتمويل المشاريع المبتكرة، واعتماد الذكاء الاصطناعي في قطاعات الخدمة العامة كنموذج عملي.
فديوهات ذات صلة:




























